شعبية الرئيس المصري على مواقع التواصل الاجتماعي

شعبية الرئيس المصري زادت على مواقع التواصل الاجتماعي
تحليل بيانات توتير يعكس تضاعف التفاعل مع منشورات الرئيس رغم انخفاض معدلات التدوين.. والإرهاب على رأس التغريدات ثم الجيش والشرطة

رحاب عليوة

لم تعد الأدوار التي تلعبها وسائل التواصل الإجتماعي في السياسة حول العالم بخافية على أحد، إذ تتربع تلك المواقع على قائمة التأثير والتأثر والتواصل بين الساسة والجماهير.
وبوجه عام، لازال التعاطي العربي على مستوى القادة مع تلك المواقع محدود، لا يتطرق إلى معارك كلامية داخلية أو خارجية، كما يفعل الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب مثلاً، والذي لم يسلم أحد من معاركه على تويتر حتى تويتر ذاته.
ورغم ذلك، يظل لدى “تويتر” الكثير مما يمكن أن يخبرنا به حول علاقة الرؤساء والزعماء في المنطقة بشعوبهم، وحجم تفاعل الجماهير.
يعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في تعاطيه مع “تويتر” نموذجاً ثرياً يحمل مؤشرات عديدة، فهو الرئيس الذي جاء من خلفية عسكرية، ترأس فيها جهازا
حيويا وخطيرا مثل المخابرات الحربية.
منصب السيسي السابق يجعله مدركا تماماً لأهمية مواقع التواصل الاجتماعي، هي بالنسبة له إحدى ساحات “حروب الجيل الرابع”، ومن ثم فالمتوقع أن السيسي كان متابع جيد لها،

لكن في الظل، دون أن يكون أحد نشطائها المغردين.
ظهر الرئيس المصري عبر “توتير” للمرة الأولى نهاية مايو 2014 خلال إجراءات الانتخابات الرئاسية، والتي كان فوزه بها مضموناً بزخم إزحة جماعة الإخوان
المسلمين الارهابية عن الحكم في 30 يونيو 2013، وبدعوة شعبية للترشح
لم يكن السيسي في حاجة إلى مواقع التواصل آنذاك للدعاية لنفسه، على خلاف منافسه آنذاك حمدين صباحي، لكنه لم يهملها حين وصل إلى القصر، في انعكاس
للوعي بأهمية التواصل مع جمهور السوشال ميديا، كما التواصل مع جمهور الشارع، حتى وصل متوسط التغريد للرئيس في الأسبوع خلال العام 2014 إلى  تغريدة 27
دارت في غالبيتها حول الوعود والأهداف المستقبلية وأنشطة الرئيس
وبتقدم السنوات، انخفض مستوى تفاعل الرئيس السيسي مع “تويتر” ، سواء فيما يتعلق بمجمل التدوينات سنوياً، أو متوسط التغريد في الأسبوع، بصورة يعبر عنها
المنحنى التالي:

في المقابل، ارتفع مستوى التفاعل مع منشورات السيسي خلال العامين الماضيين، بالقياس على مؤشري “إعادة التغريد والإعجاب”، على نحو يعكس ارتفاع شعبية
الرئيس المصري بين مستخدمي الموقع ، وإذا اعتبر البعض إعادة التدوين مؤشر غير دقيق حيث يمكن إعادة تدوين التغريدة بانتقاد سلبي، فإن مؤشر الإعجاب لا
يحمل تلك الإزدواجية ، إذ لن يقبل على الإعجاب بالمنشور منتقد له
ويعبر المنحنى التالي عن متوسط التفاعل مع التدوينة الواحدة للرئيس على مدار الفترة من 2014 إلى 2020 .

وبلغ مجمل تدوينات الرئيس على “تويتر” حتى نهاية مايو 2020، 2731 تدوينة ، وتجاوز الإعجاب بمنشوراته الـ 4 مليون إعجاب، وأعاد نشطاء تدوين تغريداته
852,669 مرة.

ويمكن صياغة العلاقة بين تفاعل الرئيس مع “تويتر” وتفاعل نشطاء تويتر مع تدوينات الرئيس على أنها “علاقة عكسية”، حيث زاد معدل التفاعل مع المنشورات ،
فيما انخفض متوسط التدوين :

ماذا يدون الرئيس ؟
تحليل تدوينات الرئيس عبر “تويتر” تعكس القضايا الأهم والأبرز التي احتلت الصدارة في سياسته بوجه عام، لذا فبخلاف التدوينات التي تحمل أخبارا عن أنشطة
الرئيس، تطرقنا إلى 15 موضوعاً وتتبعنا عدد تدوينات الرئيس في كل منهم
بعض تلك المواضيع تتعلق بالسياسة العامة والقضايا الداخلية مثل: الإرهاب، والمشاريع الجديدة، والصحة والتعليم وحديث الرئيس عن “النمو” واستشرافه ” المستقبل”.
جزء آخر يتعلق بقضايا محورية وعلاقات خارجية، مثل ملف “سد النهضة” و”الملف الليبي” والسودان وجائحة كورونا، وأخيراً التدوينات الخاصة بالشركاء
الاستراتيجين لمصر مثل الإمارات والسعودية، ودول مشتعلة في المنطقة مثل اليمن وسوريا

وتتسق النتيجة مع الخطوط العامة لسياسة للسيسي الذي منح الأولوية في سنوات حكمه الأولى لمكافحة الإرهاب، وباتت عبارته الشهيرة “نحن نواجه الإرهاب نيابة
عن العالم” أحد أبرز التصريحات المذكرة بتلك السنوات
ومتوقع أيضاً أن تحتل مؤسستي “الجيش والشرطة” المرتبة الثانية، كنتيجة للأولى، باعتبارهما الجهتين المخول لهما بالأساس مواجهة الإرهاب.
احتلت التدوينات الإنسانية التي تسعى إلى مشاركة الجماهير أحداثا ومناسبات بعينها، المرتبة الثالثة، وهي تدوينات ذات أهمية كبيرة في التأثير على الوجدان الشعبي،
خصوصاً لدى شعب يُغلب العاطفة مثل الشعب المصري، لذا فقد كانت ضمن المنشورات التي حصدت تفاعلاً كبيراً كما سيتضح لاحقاً.
في المرتبة الرابعة تأتي المنشورات المتعلقة بافتتاح المشاريع الجديدة، وهي الركن الثاني في السياسة العامة للرئيس بعد مواجهة الإرهاب.
وسبقت تدوينات الرئيس التي تتحدث عن النمو، تلك التي تستشرف المستقبل، ثم تلك الخاصة بالصحة والتعليم، وهما الملفان الأبرز في ولاية الرئيس الثانية (2018-
2022)
وعلى الصعيد الخارجي جاءت السودان وليبيا في المقدمة، باعتبارهما يمثلان العمق الاستراتيجي للأمن المصري، كما غرد السيسي بنحو متقارب عن السعودية
والإمارات في إطار الشراكة الاستراتيجية بينهما. التفاعل
لم يسر التفاعل في المنحنى ذاته مع المواضيع التي تطرق لها الرئيس، بمعنى أن أكثر الموضوعات الاكثر تغريدا لم تكن الأكثر تفاعلاً، بل على العكس، فقد كان
التفاعل الأكبر مع منشورات الرئيس حول وباء كورونا، وهو الموضوع الذي دون الرئيس عنه 11 مرة فقط حتى الآن.
ولكي نحصل على أقرب مؤشر لحجم التفاعل فقط اعتمدنا ليس فقط على عدد الإعجاب أو إعادة التدوين، والذي قد يصبح خادعاً مع عدد تدوينات ضخم، ولا يعبر
عن النسبة الأكبر، لذا اعتمدنا على متوسط الإعجاب أو إعادة تغريد التدوينة الواحدة في كل من الموضوعات سالفة الذكر
ويفسر تربع كورونا على قمة هرم التفاعل، توجه الجماهير، وربما تقيمهم لأداء الرئيس خلال أزمة كورونا، والتي حازت إشادات كبيرة في بداية الأزمة، فضلاً عن
الشعور الجمعي صوب الجائحات التي تعمق صلة الشعوب برؤسائها، بغض النظر عن أية حسابات أخرى، ويصبحون في انتظار أية عبارات وتدوينات لطمأنتهم
ثم جاء في المرتبة الثانية التفاعل مع تغريدات الرئيس ذات الطابع الودي، الخاصة بالمشاركة في حدث ما بالتهنئة والتحية، ثم الإرهاب.

ما هي الاجهزة التي يستخدمها الرئيس للتدوين؟

تظهر تحليل بيانات الأجهزة التي تم استخدامها عند التدوين عبر صفحة الرئيس المصري الرسمية 7 أجهزة مختلفة.

لغات التغريدات
لم تقتصر تغريدات الرئيس على العربية، رغم أن غالبية التغريدات دونت بها، لكن نجد أيضاً استخداما للغات أخرى على النحو التالي:

واستخدام لغة غير اللغة الأم في التغريد، خصوصا من السياسيين تعني توجيه الرسالة إلى جمهور بعينه بهدف إيصال رسالة ما، وإحداث تأثير معين، هذا الأمر كان
هامشياً على صفحة الرئيس عبر “تويتر”، حيث لم يستخدم غير لغته الأم سوى الإنجليزية في 18 تدوينة والإيطالية في 4 تدوينات، ولا تتعلق أي منهم بقضية
مقتل الناشط الإيطالي روجيني، والفرنسية دون بها مرة واحدة فقط.
وبوجه عام، يدعم التحليل السابق كون الرئيس السيسي يعتمد على الارتجال المباشر ويرغب في الحديث مع البسطاء بلغة سهلة تصل لمداركهم، لذا نجده سخياً في
المؤتمرات، ومقل على تويتر، ورغم ذلك، يرتفع التفاعل معه جماهيريا عن ذي قبل.
في النهاية نجد ان شعبية الرئيس المصري تزداد يوما بعد يوم.

#infoarabia #إنفوأرابيا